صالح أبو مسلم
صالح أبو مسلم
بدا جليًّا أن إسرائيل تعمل منذ وقت طويل على استهداف وقتل المدنيين دون تفرقة في الأراضي الفلسطينية أو اللبنانية أو السورية وغيرها، وتستخدم قوات الكيان الصهيوني كافةَ الوسائل الوحشية لإيقاع أكبر قدر من المدنيين، إضافة إلى استهداف رجال المقاومة بالداخل الفلسطيني المحتل، وفي لبنان وحتى في سوريا وإيران، وذلك باستخدام وسائل تكنولوچية حديثة تقف من ورائها أجهزةُ الاستخبارات الإسرائيلية، وذلك بعد نجاحها في اغتيال الكثير من قيادات المقاومة داخل الأراضي المحتلة وداخل لبنان، ما دفع قيادات حزب الله إلى تغيير استخدام أجهزة الاتصالات اللاسلكية التقليدية واستخدام أجهزة البيجر التايوانية لتضليل أجهزة المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، وعدم تمكينها من اختراق تلك الأجهزة بدافع أمني. إلا أن أجهزة الموساد تمكنت منذ العام ٢٠٢٢ من إقامة شركات وهمية في المجر وبلغاريا تعمل على صناعة أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي يطلبها قادة حماس دون معرفتهم بأن الموساد هو مَن يقف وراء تلك العملية، والقيام بزرع عبوات ناسفة في تلك الأجهزة ومن ثم تشفيرها، وذلك بعد نجاحهم في استدراج قيادات حزب الله، وتسليمهم أكثر من خمسة آلاف جهاز، ليفاجأ قيادات حزب الله يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيين بانفجار تلك الأجهزة، ما تسبب في قتل وإصابة الآلاف بإصابات بالغة، وبالتالي إدخال الذعر في غالبية المناطق اللبنانية، وليجد اللبنانيون والعالم أنفسهم أمام وحشية وعدوان إسرائيلي جديد يستخدم أجهزة الاتصالات والتكنولوچيا من أجل القتل والإجرام الذي يشكل جريمةً إنسانيةً تطال الضمير العالمي كله. وللأسف فإن الغرب ومعهم أمريكا يعرفون مدى وحشية وجرائم إسرائيل، ورغم ذلك لا يقومون بواجبهم الأمني والإنساني، رغم معرفتهم للقوة الوحشية المجرمة التي صدَّرت ولا تزال تصدِّر للعالم كافة الجرائم الوحشية التي تخالف القوانين والأعراف الدولية، فالغرب لم يستخدم دوره كما يجب لوقف عدوان إسرائيل على غزة والعالم، بل إنهم مقابل ذلك يتعاطفون معها، ويباركون إجرامها، بل ويمنعون حتى صدور القرارات الدولية بالأمم المتحدة والمحاكم الدولية التي أدانت ولا تزال تدين وحشية إسرائيل.
وأمام تلك الجريمة التي أربكت وأفزعت لبنان والعالم، فإن الشعوب أصبحت في خطر كبير، وذلك بسبب تمكن الدول المصنِّعة لتلك الأجهزة من إمكانية استخدامها يومًا في أغراض إرهابية، ما يضع العالم ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا تحديدًا أمام جريمة إرهابية إنسانية تقف وراءها أجهزة استخبارات إسرائيلية تتمركز في أكثر من بلد أوروبي، وبخاصة المصانع الوهمية الإسرائيلية في المجر وبلغاريا وغيرهما، وهو الأمر الذي يجعل بلدان الاتحاد الأوروبي وأمريكا أمام مسئولية إجراء التحقيقات اللازمة لكشف الحقيقة كاملةً عمَن يقف وراء تصنيع وتفخيخ وتفجير تلك الأجهزة، لأن كل التقارير التي تصدر حتى الآن هي مجرد تخمينات وفرضيات إعلامية، ولا ترتقي لحقائق وتحقيقات أمنية كبيرة من الدول الكبرى، لأن شعوب العالم تتطلع لمعرفة الحقيقة كاملة.