تهاني تركي
تهاني تركي
أمس الأول السبت انطلق العام الدراسي الجديد، والذى بدأ مبكرًا قبل أسبوع من الموعد المحدد لبداية العام الدراسي كل عام فى نهاية شهر سبتمبر، وذلك وفقًا للخطة الجديدة التى وضعها وزير التربية والتعليم لإصلاح المنظومة التعليمية.
قبل بدء العام الدراسي انهالت على أولياء أمور الطلاب مجموعة من الطلبات المفزعة حقًّا، ليس فقط بالنسبة للمدارس الخاصة، ولكن أيضًا للمدارس الحكومية، لأن نفقات التعليم أصبحت تفوق إمكانات كثير من الأسر المصرية، فإذا كانت مصروفات المدارس الخاصة على اختلاف مستوياتها والتى يضطر أولياء الأمور للجوء إليها بعد تدهور مستوى التعليم فى المدارس الحكومية، أصبحت ثقل كاهل كثير من الأسر، فإن الأمر لا ينتهي عند دفع المصروفات، ولكن هناك الزي المدرسي والأدوات المدرسية، ناهيك عن الوجبة المدرسية، هذه الفئة من أولياء الأمور تتكبد مشقة بالغة فى تدبير احتياجات أبنائهم الطلاب من مصروفات المدارس والدروس الخصوصية، ويكاد يكون بند التعليم يلتهم نصف ميزانية هذه الأسر، حكايات وقصص كثيرة سمعتها من أمهات وآباء حول تعنت إدارات المدارس فى إلزامهم بدفع المصروفات فى المواقيت التى تحددها، دون تخفيف عنهم، أو تبسيط طرق السداد.
وإذا كانت مصروفات المدارس الحكومية زهيدة وهناك إعفاءات لغير القادرين، إلا أن هناك الزي المدرسي الذى تم تعميمه منذ سنوات، والذى يدفع فيه أولياء الأمور مبالغ ليست بسيطة، بالإضافة إلى الكتب الخارجية والدروس الخصوصية التى يدفعون مقابلها لمعلمي المدرسة أو غيرهم، نظرًا لعدم استفادة الطلاب من الحصص المدرسية، بعد أن أصبح المعلم لا يقوم بالدور المطلوب منه على أكمل وجه كما كان يحدث من قبل.
كنا فى زمان مضي نتعلم فى المدارس الحكومية كما غالبية أبناء الشعب، وكان من يرتادون مدارس اللغات الخاصة قلة من أبناء الطبقات الميسورة، وعلى الرغم من ذلك كان الجميع يتساوون فى التعليم الجامعي، وخاصة فى كليات القمة، فكان الجميع يتزامل فى مدرج الكلية على أساس التفوق الدراسي فى الثانوية العامة، كان الزي المدرسي فى المرحلة الابتدائية عبارة عن مرايل مصنوعة من قماش اسمه "تيل ناديه"، كان يصنع فى مصانع الغزل والنسيج، وكانت الخياطة تتولى مهمة تفصيله، أما الحذاء سواء كان رياضيًّا أو من الجلد الأسود، فكان من محلات "باتا"، وكانت أسعاره فى متناول الجميع، أما فى المرحلتين الإعدادية والثانوية، فكان الزي يتغير إلى جيبة، أو بنطلون أزرق مع قميص رمادى، وكانت نوعية، وخامات القماش تتناسب مع جميع المستويات.
لم تكن الأدوات المدرسية مرهقة، ولا مبالغًا فيها، فكانت معظم الكراسات والكشاكيل تسلم مع الكتب المدرسية، أما الآن فبعد القلم والبراية والجلاد اخترعوا "السبلايز ليست"، وهي ليس فقط الأدوات المدرسية التي يحتاجها الطالب من كراسات، وأقلام وألوان وأدوات للأنشطة، ولكن زادت القائمة لتشمل المناديل الورقية والمعقمات، وأحيانًا تضم أشياء غريبة على الطلاب.
للأسف هناك الكثير من "البدع" التى ارتبطت بالعملية التعليمية، فمنذ أن اقترن التعليم بمصطلحات أجنبية مثل الديسك والهوم وورك واللانش بوكس واليونيفورم، وزاد الطين بله السبلايز ليست، أصبح حال التعليم لا يسر، والأصل أننا أصبحنا نقلد كل شيء ونعتقد أن ذلك هو التطور.. ليتنا نعود إلى تعليم "زمان"، ونتمسك بمحتوى تعليم جاد، ونبتعد عن مظاهر "الفشخرة" التى أفسدت التعليم.