تتجه الشركات العقارية إلى طرح مشروعاتها بأنظمة سداد طويلة الأجل، لمواجهة التضخم وتراجع القدرة الشرائية للعملاء، مما يسهم في انعاش القطاع العقاري.
واتفق خبراء ومتعاملون بالقطاع، على أن طرح المشروعات العقارية بأنظمة السداد طويلة الأجل يعد حلا تسويقيا يهدف إلى جذب شريحة أكبر من العملاء، خصوصا مع تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين.
السداد طويل الأجل وسيلة المطورين العقاريين لمواجهة التضخم
وأكدوا أن هذه الاستراتيجيات تسهم في تنشيط المبيعات، لكنها قد تفرض تحديات على المطورين العقاريين، خصوصًا الشركات الصغيرة، التي تواجه صعوبات في إدارة السيولة المالية على المدى الطويل.
أكد طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن توجه الشركات العقارية نحو طرح مشروعاتها بأنظمة تقسيط ممتدة تصل إلى 12 عامًا يأتي كإجراء لمواجهة التضخم وارتفاع أسعار العقارات.
وتوقع شكري أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في اعتماد المطورين العقاريين على أنظمة السداد طويلة الأجل، والتي قد تصل الي 15 ـ 18 عاما، مشيرًا إلى أن القطاع العقاري المصري لا يزال حصانًا رابحًا مثلما ظل على مدار الـ25 عامًا الماضية.
وأوضح أن أسعار الفائدة العالية تمثل عقبة كبيرة أمام الاستثمار، بما في ذلك الاستثمار العقاري، فالفائدة المرتفعة تؤثر سلبًا على تكلفة التمويل وتزيد من الأعباء المالية على الشركات في مختلف القطاعات، سواء العقارية أو الصناعية أو الزراعية.
وأوضح أن ارتفاع أسعار الفائدة تزامن مع الأزمات العالمية وزيادة معدلات التضخم، مما شكل ضغوطًا إضافية على الشركات.
وتوقع أن يشهد عام 2025 تراجعًا في أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 3 ـ 5%، وهو ما سينعكس إيجابيًا على القطاع العقاري، إذ سيؤدي إلى تحفيز الطلب وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وأكد شكري أن السوق العقاري المصري يتمتع بمرونة وقدرة على امتصاص الأزمات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن العقارات تظل ملاذًا آمنًا للمستثمرين رغم التحديات الراهنة، ومع تحسن الأوضاع الاقتصادية، من المتوقع أن يشهد القطاع انتعاشًا متزايدًا خلال الفترة المقبلة.
وأعلنت شركة بالم هيلز للتطوير العقاري عن إطلاق نظام تقسيط بمدة تصل إلى 12 عامًا فى كل مشروعاتها، إذ تعد تلك أحدث خطوة من أحد كبار المطورين العقاريين وزيادة كبيرة عن مدد التقسيط المباشر فى القطاع، والتى تدور عادة حول 8 سنوات.
وقال المهندس إبراهيم عبد المنعم، رئيس شركة كونسالتنج للتسويق، إن نظام السداد الممتد حتى 12 عامًا الذي تعتمده بعض الشركات يهدف إلى جذب شريحة أوسع من العملاء، لكنه لا يُطبَّق دائمًا من قبل جميع المطورين.
وأوضح أن الشركات العقارية التي تعمل وفق معايير صحيحة تفرض فترات سداد لا تتجاوز 8 سنوات كحد أقصى، معتبرًا أن أي مدد أطول من ذلك تعد مجرد وسيلة تسويقية لجذب المشترين.
وأشار إلى أن بعض الشركات التي تعتمد على فترات سداد طويلة غالبًا ما تكون ممولة بقروض بنكية، ما يجعلها تفرض هذه الأنظمة وفقًا لسياسات تلك البنوك، مؤكدًا أن وجود مثل هذه الأنظمة في السوق العقاري لا يحقق فائدة حقيقية للقطاع.
وأضاف عبد المنعم أن هذه العروض تستهدف في الأساس العملاء الجدد الذين قد لا تكون لديهم معرفة دقيقة بأسعار العقارات، عكس المشترين ذوي الخبرة الذين يدركون مميزات وعيوب كل نظام سداد.
ولفت إلى أن الشركات العقارية الصغيرة لا يمكنها تبني هذه الأنظمة بسبب تأثيرها المباشر على الميزانية والاستقرار المالي.
وتوقع عبد المنعم أن يشهد السوق العقاري خلال الفترة المقبلة زيادة في الأسعار تتراوح بين 5 ـ 10%، إلى جانب استمرار ارتفاع الطلب على العقارات، مدفوعًا بالنمو الكبير في حجم الطلب العام الماضي.
وأكد علاء الشيخ رئيس شركة أسيت تاب للتسويق العقاري، أن تمديد فترات السداد حتى 12 عامًا قد يكون عرضًا ترويجياً من بعض الشركات بمناسبة معينة، أو استراتيجية لجذب العملاء وفقًا لسياساتها التسويقية.
وأوضح أن الشركات العقارية تحدد خططها التسعيرية وفترات السداد المناسبة لمشروعاتها قبل طرحها في السوق، مشيرًا إلى أن بعض الشركات الكبرى، مثل مجموعة طلعت مصطفى، تعتمد هذا النظام لفترات زمنية محددة، متضمنًا أنظمة سداد شهرية وسنوية.
أشار الشيخ، إلى أن انخفاض قيمة العملة خلال الفترة الماضية أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار العقارات، ما دفع الشركات المطورة إلى طرح أنظمة سداد ممتدة تصل إلى 12 عامًا لتخفيف العبء المالي على العملاء.
وأوضح أن بعض الشركات التي تعتمد هذا النظام تلجأ إلى الاقتراض من البنوك لتعويض خسائرها، في حين تستخدمه شركات أخرى كوسيلة لتحقيق أهداف بيعية محددة.
وتوقع الشيخ ارتفاع أسعار العقارات بنسبة تتراوح بين 15 ـ 20%، مشيرًا إلى أن السوق العقاري سيشهد حالة من الاستقرار خلال الفترة المقبلة.
وأكد المهندس رياض العادلي رئيس شركة نكست دور للتسويق العقاري، أن الشركات المطورة تسعى إلى جذب العملاء في ظل الارتفاع المستمر في أسعار العقارات، مشيرًا إلى أن تقديم العروض الترويجية وتمديد فترات السداد يعدان من أبرز الوسائل التي تعتمدها الشركات لتعزيز مبيعاتها.
وأوضح أن بعض الشركات تلجأ إلى تمديد فترات السداد حتى 12 عامًا كوسيلة لتسهيل الشراء على العملاء، مما يجعل هذه العروض عنصر جذب فعال ويساهم في زيادة حجم المبيعات.
وتوقع أن تعتمد بعض الشركات خططًا تمتد حتى 14 عامًا بهدف تحسين مبيعاتها التعاقدية والاستفادة من الإقبال على الوحدات العقارية.
كما توقع العادلي، أن تشهد أسعار العقارات ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة، بنسب تتراوح بين 25 ـ 35%، مدفوعًا بزيادة الطلب وانخفاض المعروض من الوحدات السكنية.
أضاف أن العقارات أصبحت تمثل استثمارًا رئيسيًا للعديد من العملاء، لافتًا إلى أن الإقبال المتزايد على السوق العقاري يأتي أيضًا بدعم من المشترين الأجانب، خاصة من دول مثل ليبيا والسودان.
أكد المهندس محمد راشد، عضو غرفة التطوير العقاري، أن الشركات المطورة تعتمد أنظمة السداد طويلة الأجل لتحقيق مبيعات مرتفعة، إذ تلجأ إلى تقديم عروض سداد ممتدة على وحدات محددة ولمدة زمنية معينة، وفقًا لأهدافها البيعية.
وهذا النظام لا يُعتمد من قبل جميع الشركات، إذ يقتصر تطبيقه غالبًا على وحدات معينة أو فترات محددة، وبعد تحقيق الأهداف المرجوة، تقوم الشركات بإلغائه والعودة إلى أنظمة السداد التقليدية.
وأشار إلى أن الشركات الكبرى لا تتأثر بهذه العروض نظرًا لامتلاكها محافظ أراضٍ واسعة، ما يمكنها من تعويض أي خسائر محتملة عبر البيع بأنظمة سداد اعتيادية. في المقابل، تواجه الشركات الصغيرة التي تمتلك مشروعًا أو مشروعين تحديات عند اعتماد هذه الأنظمة، نظرًا لطول فترة السداد وتأثيره على سيولتها المالية.
أضاف راشد أن الارتفاع المستمر في أسعار العقارات وانخفاض قيمة العملة من العوامل الرئيسة التي دفعت الشركات إلى تمديد فترات السداد، بهدف جذب شريحة أوسع من العملاء.
وأوضح أن ارتفاع الأسعار يرتبط بشكل مباشر بتكلفة مواد البناء وسعر الصرف، مشيرًا إلى أن التمويل العقاري أحيانًا يرفض طلبات بعض العملاء بسبب عدم توافقهم مع شروط التمويل، مما يؤدي إلى تراجع الطلب على العقارات.
وقال المهندس أيمن سامي مدير شركة JLL للاستشارات العقارية ودراسات السوق العالمية في مصر إن الشركات المطورة تعمل على تعزيز مبيعاتها عبر تقديم تسهيلات وعروض تنافسية للعملاء، وذلك في ظل تراجع القوة الشرائية نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار خلال العام الماضي.
وأوضح أن الشركات باتت تفرض أنظمة السداد الميسرة على جميع الوحدات المطروحة، سواء كانت كاملة التشطيب أو لا تزال قيد الإنشاء، وفقًا لنظام كل شركة، بهدف تسهيل عملية الشراء على العملاء.
وتوقع سامي أن يشهد سوق إعادة البيع (الريسيل) تراجعًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة، في ظل العروض الجاذبة التي تقدمها الشركات، والتي توفر للعملاء فرصة التعامل المباشر مع المطورين دون الحاجة إلى اللجوء إلى السوق الثانوي.
وأشار إلى أن انخفاض القدرة الشرائية أثر بشكل مباشر على السوق العقاري، ما دفع الشركات إلى تقديم مزيد من العروض والتسهيلات لاستقطاب المشترين، مضيفًا أن المطورين يسعون دائمًا إلى كسب ثقة العملاء من خلال تقديم وحدات تتناسب مع احتياجاتهم، مما يساهم في توسع الشركات رغم التحديات الاقتصادية.
وأكد سامي أن بعض العملاء لا يمتلكون القدرة على الشراء الفوري، لذا فإن إتاحة فترات سداد طويلة وتقديم تسهيلات مالية يسهل تعاملهم المباشر مع الشركات المطورة دون الحاجة إلى اللجوء إلى البنوك أو أنظمة التمويل العقاري.