تطبيق "DeepSeek"... ذكاء اصطناعي صيني يهدد عمالقة التكنولوجيا الأمريكية | تقرير

العقارية

نشرت فرانس 24 تقريرًا حول تأثير تطبيق "DeepSeek" على الاقتصاد الأمريكي وتهديده الصين المباشر للاقتصاد الغربي في الذكاء الاصطناعي، حيث تمكن النموذج الأول من روبوت المحادثة الجديد "ديب سيك-آر1" الذي أطلقته شركة صينية ناشئة في 20 يناير من مقارعة عمالقة الذكاء الاصطناعي الأمريكيين بسرعة مذهلة ولافتة.

تطبيق "DeepSeek" يزيح المنافسين من القمة

فهذا التطبيق، الذي يعد الأحدث من بين برامج الدردشة الآلية الصينية، أزاح بحلول الإثنين منافسيه الأمريكيين ChatGPT (OpenAI) وGemini (Google) وغيرها من التطبيقات المماثلة عن عرشها متصدرا متجر آبل ليصبح التطبيق المجاني رقم 1بلا منازع.

حسب موقع "بانديلي" الإخباري المتخصص في التكنولوجيا الصينية ومقره بكين، فإن "ديب سيك DeepSeek هو أول تطبيق صيني يصل إلى قمة التصنيف بالنسبة إلى النسختين الأمريكية والصينية من متجر تطبيقات آيفون يوم الإثنين 27 يناير".

شكّل هذا التقدم السريع والمفاجئ للتطبيق الصيني مفاجأة بالنسبة لعمالقة وادي السيليكون، خاصة وأن من يقف وراء إطلاق روبوت المحادثة الجديد قبل أسبوع هو شركة صغيرة جدًا.

وقال غوانغيو تشياو-فرانكو، خبير التكنولوجيات الناشئة في الصين بجامعة رادبود نايميخن (هولندا): "تأسست ديب سيك منذ عامين فقط. إنها شركة ناشئة لا يُعرف عنها سوى القليل".

يقع مقر شركة "ديب سيك" في هانغتشو عاصمة مقاطعة جيجيانغ شرق الصين. وتشير بيانات محلية إلى أن ليانغ وينفينغ، الشريك المؤسس لصندوق التحوط (أو المحفظة الوقائية، عبارة عن صندوق استثماري) هاي فلاير، يملك حصة أساسية بها.

وقال الصندوق عبر حسابه الرسمي على "وي.تشات" في مارس/آذار 2023 إنه "يبدأ من جديد" وسيكثف تخصيص الموارد لتشكيل "مجموعة بحثية جديدة ومستقلة، لاستكشاف جوهر الذكاء العام الاصطناعي". تأسست ديب سيك في وقت لاحق من ذلك العام، حسب وكالة رويترز.

صنع في الصين

كما يعرف عن "ديب سيك" بأنها تعرض على المهندسين المتخصصين في قطاع الذكاء الاصطناعي الرواتب الأكثر جاذبية في الصين، حسبما ذكر تقرير لموقع فاينانشال تايمز.

لجأ ليانغ وينفينغ إلى تجنيد المواهب المحلية لتطوير نموذجه اللغوي. يوضح غوانغيو تشياو-فرانكو: "على العكس من عدة شركات صينية أخرى عاملة في هذا القطاع تسعى إلى استقطاب خبراء من الخارج، تركز ديب سيك على مهندسين شباب تخرجوا لتوهم من الجامعات الصينية".

بدوره، يلحظ ماريو كرين مدير الأبحاث في مختبر الذكاء الاصطناعي بمعهد ماكس بلانك في ألمانيا، بأنه ونتيجة لهذا المجهود وشعاره "صنع في الصين"، تمكنت الشركة الصينية من وضع نموذجها الأول "ديب سيك-آر1" مباشرة "خلف جيميني 2.0 فلاش ثينكينغس (غوغل)، ونموذج أو1 من أوبن.إيه.آي OpenAI وكلود Claude (نموذج لغوي) من تطوير شركة أنثروبيك Anthropic خلال اختبار قمنا بإجرائه".

وبات النموذج الأول "ديب سيك-آر1" يقارع فعليا روبوتات الدردشة الحديثة المصممة للمحترفين وأكثر تطورا من جي بيتي GPT ونماذج اللغة الأخرى المتوفرة مجانا أو بتكلفة منخفضة.

ووفقا لمنشور عبر الحساب الرسمي للشركة الصينية على موقع وي.تشات، تقل كلفة نموذج آر1 بنحو 20 إلى 50 مرة عن النموذج (أوبن.إيه.آي-أو1).

هذا التقدم الواضح من المنتج الصيني الذي يلاحق عن كثب كبار قطاع التكنولوجيا الأمريكية بشكل مذهل، دفع سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه.آي الإثنين إلى وصف نموذج آر1 بأنه "مذهل"، مؤكدا بأن "القدرة الحاسوبية الأكبر هي مفتاح هذا النجاح"، وفق رويترز.

وقال ألتمان على منصة إكس: "نموذج آر1 لشركة ديب سيك مذهل، وخاصة فيما يقدمونه مقابل السعر". مضيفا: "لكننا متحمسون بشكل أساسي لمواصلة تنفيذ خريطة الطريق الخاصة بنا بشأن البحث ونعتقد أن زيادة (القدرة) الحاسوبية باتت أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى حتى ننجح في مهمتنا".

من جهته، يقول مارك ستيفنسون، المتخصص في علوم الكمبيوتر ونماذج اللغة بجامعة شيفيلد: "تنتج هذه الإصدارات غالبا إجابات أكثر دقة من النماذج المتاحة لعامة الناس".

وأوضح أنتوني كوهن، أستاذ التفكير الآلي والذكاء الاصطناعي بجامعة ليدز ومعهد آلان تورينغ: "عادة، وبدلا من مجرد تقديم إجابة، من المفترض أن توضح هذه النماذج المتقدمة أيضا كيفية وصولها إلى نتائجها". لذلك فإن "ديب سيك" ليس أقل جودة من خدمة أو منتج مماثل يتم تصنيعه في دولة غربية، رغم تكلفته المنخفضة بالمقارنة مع بقية البرامج.

الأسعار كلمة السر في القضاء على المنافسين الأمريكان

رغم ذلك، فإن النموذج الصيني يشترك في سمة واحدة مع الشركات الصينية التي تقدم خدمات بأسعار منخفضة، وهي الأسعار التنافسية للغاية.

في هذا السياق، قال ماريو كرين: "قد أدفع حتى 300 يورو [كل جلسة، ملاحظة المحرر] لكي أشغّل بعض الإصدارات الاحترافية من النماذج الأمريكية لإجراء مقارنات، في حين لا يكلفني فعل نفس الأمر مع ديب سيك سوى 10 يورو فقط".

للوصول إلى هذا السعر المنخفض مقارنة مع النماذج الأمريكية، أوضحت شركة "ديب سيك" بأن تدريب، أي تعليم الذكاء الاصطناعي من خلال قواعد البيانات، أحدث نماذج اللغة الخاصة بها يكلف 5.6 مليون دولار فقط، مقابل مئات مليارات الدولارات بالنسبة للنماذج الأكثر شعبية في وادي السيليكون، وول ستريت، حسب صحيفة وول ستريت جورنال.

لتفسير الفرق الواسع في التكاليف، يتم الحديث عن عدة فرضيات. في هذا الشأن، قال مارك ستيفنسون: "يبدو أن ديب سيك وجدت طريقة لتحقيق نتائج جيدة دون مزيد من التعزيز والتحقق البشري". حيث تعمل كافة نماذج الذكاء الاصطناعي الرئيسية على تحسين نتائجها عبر إشراك اليد العاملة البشرية لتفادي مثلا وقوع تجاوزات عنصرية في نصوص الإجابات.

فيما رجحت صحيفة فاينانشال تايمز أن تكون "ديب سيك" قد وجدت صيغة لا تتطلب التدخل البشري باهظ الكلفة. لكن الشركة الصينية الناشئة لم تؤكد أو تنفي هذه الفرضيات.

هذا، و يرجح أنتوني كوهن أن "النتائج الجيدة والمدهشة التي تحققها ديب سيك تعود إلى استخدامها عمقا حسابيا ودقة أقل من منافسيها الأمريكيين أو الأوروبيين".

كما يوفر المنتج الصيني الجديد بدائل أخرى غير تلك التي تعرضها الشركات الغربية الكبرى، عبر عرضه روبوت محادثة "مفتوح المصدر"، أي يمكن تعديل شفرته المصدرية وتعديل جوانب معينة منه بكل حرية. ما يشكل ضربة قاصمة لشركتي أوبن-إيه-آي وغوغل وكلاهما تحرص على حماية أسرار وصفات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما بعناية شديدة.

يرى يان لو كون كبير الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في ميتا (الشركة الأم لفيس بوك)، بأن نجاح ديب سيك-آر1 "هو دليل على تفوق نماذج المصدر المفتوح على نماذج المالكين" الأخرى.

بفضل ميزاته التنافسية الهائلة، حيث إنه أرخص بكثير ومفتوح المصدر وبات من أكثر التطبيقات تحميلا على متجر آبل، لم يتأخر تأثير تطبيق "ديب سيك" الصيني وتداعياته في سوق الأوراق المالية خلال الأيام الأخيرة، على شركات التكنولوجيا الكبرى التي رأت أسهمها تهبط، بما فيها مايكروسوفت وغوغل وميتا. حتى إن إنفيديا، كبرى الشركات الأمريكية في مجال الرقائق الإلكترونية المُحسّنة للذكاء الاصطناعي، خسرت أكثر من 12 بالمئة من قيمة أسهما في بداية يوم الإثنين.

يشرح ألكسندر باراديز المحلل المالي لشركة "إي-جي فرانس IG France" الوسيط التجاري بالبورصة، بأن الذكاء الاصطناعي لشركة ديب سيك "يمكن أن يكون له تأثير هائل على المنظومة الاقتصادية لنماذج اللغة في أمريكا الشمالية" ككل.

في الواقع، تنفق "أوبن-إيه-آي" وشركات أخرى مليارات الدولارات ومن ثمة فهي مضطرة لعرض خدماتها وحلولها مقابل مبالغ باهظة.

كان هذا النموذج الاقتصادي "مقبولا تماما من المستثمرين طالما اعتقدوا بانعدام وجود بديل صالح ومنخفض التكلفة"، يرى ألكسندر باراديز. لكن اليوم، وبعد أن كشفت "ديب سيك" عن نموذجها آر1 "فقد يدفعهم ذلك إلى التساؤل عما إذا كانوا يدفعون باهظا لأسهم هذه المجموعات في أمريكا الشمالية"، وفق نفس المحلل المالي.

ويتوقع هذا الخبير المالي أن يحدث "تصحيح سيأخذ منحى تنازليا في سوق الأسهم لكل هذه القيم الأمريكية لعدة أيام أخرى". حتى إن ألكسندر باراديز يخشى أن تتحول "ديب سيك" إلى لاعب سياسي بارز. وهو يقول في هذا الشأن: "رأينا كيف يمكن أن يصعّد دونالد ترامب لهجته بسرعة ويطلق التهديدات ضد كولومبيا وغرينلاند. كيف سيكون الحال لو جاءت شركات التكنولوجيا العملاقة لتطلب حمايته من التهديد الصيني؟".

في الصين..."ديب سيك" الفخر والحظر

وفي الصين، يبدو أن السلطة السياسية قد استغلت بالفعل ظاهرة "ديب سيك". تقول صحيفة فاينانشيال تايمز إن ليانغ ونفينغ أصبح بمثابة "البطل الوطني".

وكان مؤسس هذه الشركة هو الرئيس التنفيذي الوحيد لشركات الذكاء الاصطناعي الذي تمت دعوته لحضور اجتماع في 20 يناير/كانون الثاني بين رئيس الوزراء لي تشيانغ وقادة قطاع الأعمال، حسب الإعلام المحلي.

يشرح غوانغيو تشياو-فرانكو: "قبل ظهور تطبيق "تشات جي بي تي"، اعتقدت الصين أنها كانت تلعب في نفس الدوري كما الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي. قبل أن يقوّض وصول نماذج اللغة الكبيرة ثقتها، لأن الصين لم تكن تملك منافسا حقيقيا يضاهي "تشات جي بي تي". لكن مع ديب سيك، يمكن للسلطات (الصينية) أن تستعيد أملها".

رغم ذلك، هنالك إشكاليات قد يواجهها التطبيق الصيني خصوصا في الخارج، بسبب الرقابة التي تفرضها بكين. حيث إن "ديب سيك-آر1" لا يحبذ مثلا أسئلة مثل تلك التي تتطرق إلى قمع الحركة الطلابية في ميدان تيانانمن عام 1989، حسبما لاحظ مستخدمون. كما أنه يرفض الإجابة عن أسئلة تتعلق بالحياة الخاصة للرئيس شي جينبينغ، ووضع جزيرة تايوان، على سبيل المثال لا على الحصر.

فمثلا، رد الروبوت على سؤال من وكالة الأنباء الفرنسية حول مجريات 4 يونيو/حزيران 1989، بقوله: "ليس في وسعي الإجابة عن هذا السؤال". مضيفا: "أنا مساعد ذكاء اصطناعي مصمّم لتقديم إجابات مفيدة وغير مؤذية". وحين يُسأل عن أسباب إحجامه عن الخوض في التفاصيل، يؤكد أن الغاية منه هي أن يكون "مفيدا" وينبغي له تفادي المسائل التي قد تكون "حسّاسة أو مثيرة للجدل أو من الممكن أن تلحق ضررا".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق 4 قرارات هامة من مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعي اليوم.. تفاصيل
التالى موعد مباراة ريال مدريد وبرشلونة اليوم في الكلاسيكو والقنوات الناقلة.. اضبط التردد