الذكاء الاصطناعي يغير ملامح سوق العمل

الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب وتأثيره على سوق العمل

في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من تطور التكنولوجيا، ومن المتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الأعمال في المستقبل القريب. تسارع دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات يعكس التحولات الجذرية التي ستغير الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا، مما يؤدي إلى تأثيرات ملموسة على سوق العمل، خاصة في بعض المجالات الحساسة مثل القانون والطب.

اندماج الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال

استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة لتحقيق الكفاءة والتنافسية. حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة، واتخاذ القرارات الدقيقة، حيث أصبح أداء لتحسين الإنتاجية.
• على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي ان يكون العنصر عنصر مهم في العمليات الروتينية مثل معالجة البيانات، جدولة الاجتماعات، وإدارة الموارد البشرية.

• كما يُمكن للشركات استخدام حلول الذكاء الاصطناعي لتحليل تجارب العملاء بناءً على التفضيلات والأنماط السلوكية، وتحسين هذا عن طريق خوارزميات خاصة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي مما يزيد من رضا العملاء ويحسن معدلات الاحتفاظ بهم.

كيف سوف يكون تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل؟
رغم الفوائد العديدة لهذه التكنولوجيا، فإن تأثيرها على سوق العمل يثير العديد من التساؤلات. من المتوقع أن تحل أنظمة الذكاء الاصطناعي محل العديد من الوظائف التقليدية، خاصة تلك التي تعتمد على المهام الروتينية والمتكررة. ومع ذلك، فإن هذا التحول سيؤدي أيضًا إلى ظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات متقدمة في تحليل البيانات، تطوير البرمجيات، وإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي ونعودنا نستعرض امثلة بسيطة حيث الأمثلة كثيرة.

مجالات العمل الأكثر تأثرًا في المستقبل القريب

 

1- المحاماة

• في مجال المحاماة، أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على أداء مهام مثل مراجعة العقود وتحليل المستندات القانونية بسرعة ودقة تفوق الإنسان.

• تقنيات مثل التعلم الآلي يمكنها البحث في السوابق القضائية واستخراج المعلومات ذات الصلة في وقت قياسي حيث يمكن حل القضايا في أوقات قياسية الان.

• بينما قد تقلل هذه الأدوات من الحاجة إلى عدد كبير من المحامين للمهمات الروتينية، فإنها تفتح المجال لفرص جديدة تتطلب مهارات تحليلية خاصة حيث اننا مازال العامل البشرى مهم لمراجعة النتائج التي تخرج من الذكاء الاصطناعي.

2- طب الأشعة

• في قطاع الرعاية الصحية، يُظهر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة، خاصة في مجال طب الأشعة. يمكن للخوارزميات المتطورة تحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية والرنين المغناطيسي لاكتشاف الأمراض مثل السرطان بدقة عالية.
• رغم أن هذه التكنولوجيا قد تقلل من الاعتماد على أطباء الأشعة في بعض الحالات، إلا أن الدور البشري سيبقى ضروريًا في التفسير النهائي للحالات المعقدة واتخاذ القرارات العلاجية.

نظرة مستقبلية

اتجاه تبني الذكاء الاصطناعي في الأعمال يتطلب إعادة هيكلة سوق العمل. يجب على الحكومات والمؤسسات التعليمية التركيز على تطوير المهارات المستقبلية للعاملين، مثل البرمجة، التفكير النقدي، والإبداع. كما ينبغي تعزيز التدريب المهني الذي يدمج التكنولوجيا الحديثة مع المهارات البشرية.
ودعنا نستعرض سويا الى الاستثمارات الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيرها العالمي

تتطلب تقنيات الذكاء الاصطناعي استثمارات مالية هائلة، سواء في مجال الأبحاث أو تطوير البنية التحتية اللازمة لدعمها. تُعد الصين من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث بلغ إجمالي الاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي بين عامي 2013 و2021 حوالي 61.9 مليار دولار، مع استثمارات جديدة بقيمة 17.21 مليار دولار في عام 2021، مما يجعلها في المرتبة الثانية عالميًا.

في المقابل وضمن هذا السباق المحموم، أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا عن مبادرة ضخمة لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي. في 21 يناير 2025، كشف الرئيس دونالد ترامب عن مشروع مشترك مع شركات Oracle و OpenAI و SoftBank لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة. التزمت هذه الشركات باستثمار 100 مليار دولار في البداية، مع خطط لزيادة الاستثمار إلى 500 مليار دولار خلال السنوات الأربع القادمة. يُطلق على هذا المشروع اسم “Stargate”، ويهدف إلى دعم القيادة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي وخلق “مئات الآلاف” من الوظائف في الولايات المتحدة.

من المتوقع أن يكون لهذا المشروع تأثير كبير على تطور مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم. من خلال هذه الاستثمارات الضخمة، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز قدراتها التكنولوجية والتنافس مع الدول الأخرى، خاصة الصين، في سباق الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا المشروع إلى تسريع وتيرة الأبحاث والتطوير في هذا المجال، مما يساهم في تحقيق تقدمات تقنية جديدة وتطبيقات مبتكرة تؤثر على مختلف جوانب الحياة.

لكن جهود الحكومة المصرية في مجال الذكاء الاصطناعي
تدرك الحكومة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أهمية التطورات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ولم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التطور السريع. بفضل توجيهاته ورؤيته الثاقبة، تعمل الدولة جاهدة على مواكبة هذه التطورات وتعزيز مكانة مصر كأحد اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال الحيوي. وتأتي تعليمات الرئيس السيسي واضحة في التركيز على تنمية التكنولوجيا بكافة أشكالها، مع اعتبار الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية للتنمية المستقبلية وتحقيق التقدم الاقتصادي والعلمي.

إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي

في مايو 2021، أطلقت مصر النسخة الأولى من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي ارتكزت على أربعة محاور رئيسية:
1. الذكاء الاصطناعي للحكومة (AI4G): يشمل أتمتة العمليات الحكومية ودمج الذكاء الاصطناعي في دورة صنع القرار لزيادة الكفاءة والشفافية.

2. الذكاء الاصطناعي للتنمية (AI4D): يهدف إلى تطبيق الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية لتحقيق الكفاءة والنمو الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية.

3. الذكاء الاصطناعي للمجتمع (AI4S): يركز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة والخدمات المقدمة للمواطنين.

4. الذكاء الاصطناعي للبحث والابتكار (AI4RI): يهدف إلى تعزيز البحث العلمي والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
التقدم في المؤشرات العالمية

نتيجة لهذه الجهود، حققت مصر تقدمًا ملحوظًا في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي”، متقدمة 55 مركزًا خلال بضع سنوات.

التعاون الدولي وتطوير البنية التحتية

عملت مصر بشكل مكثف على تطوير البنية التحتية الرقمية بهدف تعزيز قدراتها التكنولوجية ومواكبة التطورات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. في هذا الإطار، قامت الحكومة المصرية بزيادة الاستثمارات في تحسين شبكات الاتصالات والإنترنت، بما في ذلك إطلاق مبادرات لتوسيع تغطية الإنترنت فائق السرعة في جميع أنحاء البلاد، وتطوير المدن الذكية مثل العاصمة الإدارية الجديدة التي تعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.

علاوة على ذلك، أطلقت مصر العديد من البرامج التعليمية والتدريبية بالشراكة مع شركات دولية مثل IBM وMicrosoft، لتعزيز مهارات الشباب والخريجين في مجالات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي. كما شهدت السنوات الأخيرة توقيع اتفاقيات تعاون مع دول متقدمة تكنولوجيًا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، لدعم البحث العلمي وإنشاء مراكز متخصصة في الذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى ذلك، وضعت الحكومة قوانين جديدة تهدف إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وتأمين البنية التحتية الرقمية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، لتضمن جاهزية مصر التامة للاستفادة من هذه التكنولوجيا المتطورة وتعزيز مكانتها كدولة رائدة في هذا المجال.

الخاتمة

يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة استثنائية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة. من خلال الاستثمارات الضخمة والتعاون الدولي، تسعى الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين إلى قيادة هذا المجال. في هذا السباق، تعمل مصر جاهدة لتعزيز مكانتها من خلال استراتيجياتها الوطنية وجهودها المتواصلة للحاق بركب التكنولوجيا، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر تطورًا وابتكارًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الامارات : شراكة بين مبادرة “الجيل التالي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة” وClimate First لتسريع نمو منظومة تكنولوجيا المناخ
التالى مستقبل وطن يؤكد رفضه لأي محاولات تهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة