الخميس 28 نوفمبر 2024 | 03:57 مساءً
أعلنت بورصة شيكاغو التجارية أنه بدءاً من ديسمبر 2024، سينضم الماء إلى السلع القابلة للتداول في البورصة، مثل الذهب والنفط. وستطلق البورصة عقوداً مرتبطة بسوق المياه الفوري في ولاية كاليفورنيا الأميركية، البالغة قيمته 1,1 مليار دولار، وتم تسعير كل 43.5 ألف قدم مكعب بقيمة 496 دولاراً.
تداول المياه في البورصة
ومن جانبه علق الدكتور عباس محمد شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، على هذا الأمر، مؤكدا أن آلية تداول المياه بصفتها سلعة "موجودة أصلاً، في صورة اتفاقيات دولية، مثلما حدث بين جنوب أفريقيا وبوتسوانا، حيث تمرر الأولى جزءاً من المياه إلى الثانية في إطار اتفاقية للتعاون الدولي، وشهدنا ذلك أيضاً عندما طلبت ليبيا والأردن من مصر مدّ خطوط مياه عذبة لأراضيهما، لكن ذلك مخالف لاتفاقيات دول حوض النيل التي تسمح بالتصرف في مياه النيل داخل أراضي دول حوض النيل فحسب وليس خارجها"، مضيفاً أن بيع المياه وارد إذا كان للدولة المصدرة الحق في التصرف الكامل في مياهها، وهذا لا ينطبق على دول حوض النيل.
بيع المياه بين دول حوض النيل
أما بالنسبة إلى بيع المياه بين دول حوض النيل (إرتريا وأوغندا وإثيوبيا والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والسودان ومصر)، يقول شراقي إن حلم إثيوبيا أن تصدر المياه إلى مصر، "وهذا لن يحدث لأن دول المنبع والدول التي يتدفق عبرها نهر النيل يتساقط عليها 1660 مليار متر مكعب من مياه الأمطار سنوياً، ولا تملك القدرة على تخزين جميع هذه المياه بسبب الطبيعة الجبلية في هذه البلدان، وإلا تتعرض للغرق، وهي بالتالي مُلزمة بتمرير المياه لجيرانها".
سد النهضة
عن سد النهضة وحصة مصر المائية، يقول شراقي إن السنوات الصعبة الخمس (سنوات ملء سد النهضة الإثيوبي) قد مرت بالفعل، "وتأثير السد على المواطن المصري محدود جداً حيث استطاعت الدولة منع وصول الضرر إلى المواطن عن طريق السد العالي وبعض التدابير من ترشيد الاستهلاك للمياه وإقامة محطات معالجة الصرف الزراعي وتحديد مساحة الأرز وتطوير الري وغيره مما كلف الدولة اكثر من 10 مليارات دولار، لكن التحدي الكبير الذي تواجهه مصر هو أن حصتها من مياه النيل البالغة 55,5 مليار متر مكعب ثابتة منذ عام 1959، وكان عدد سكان مصر حينها لا يتجاوز 20 مليون نسمة، واليوم تجاوز عدد السكان 107 ملايين نسمة، لذلك اتجهت مصر إلى تحلية مياه البحر حيث تنتج حالياً 400 مليون متر مكعب سنوياً تستخدم في تنمية المجتمعات العمرانية، بينما تنتج السعودية ملياري متر مكعب من تحلية مياه البحر بسبب التطور التكنولوجي لديها. وفي الزراعة، تحتاج مصر إلى 70 مليار متر مكعب من المياه، لذلك تعتمد على مياه نهر النيل ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي"، موضحاً أن تكلفة تحلية متر مكعب من مياه البحر دولار واحد ينتج كيلو قمح قيمته 15 جنيهاً (نحو 20 سنتاً)، لذلك تستورد مصر القمح ولا تزرعه لندرة المياه وارتفاع تكلفة تحلية مياه البحر.
مصر هي الدولة الأولى من حيث الشح المائي
ويتابع: "مصر هي الدولة الأولى من حيث الشح المائي، ومع الزيادة السكنية لن يُفلح السد العالي في سد احتياجات مصر من المياه العذبة، لأنه يحتفظ بالمياه لشهور قليلة فقط، وحالياً لا تعاني مصر من جفاف لكن مستقبلاً ما إذا وجدت حلول لتوفير المياه العذبة قد تتعرض لأزمة ندرة مائية".
التغيرات المناخية
يقول خبير الموارد المائية إن مسألة التغيرات المناخية يتم تناولها لأغراض سياسية أكثر منها بيئية، "فدرجة حرارة العالم كانت تزيد درجة واحدة مئوية كل ألف عام، لكن خلال العشر قرون الأخيرة لاحظنا أن درجة حرارة العالم ترتفع درجة واحدة مئوية كل 100 عام فقط، وهذا مؤشر خطر، وبالتالي سنشهد بلدان تتعرض للجفاف بشكل أسرع وستتغير خريطة الاستمطار في العالم نتيجة للتقلبات الجوية".
ويوضح شراقي أن الدول المتضررة من ممارسات الدول المصنعة الكبرى، مثل الصين التي تنتج 40% من الطاقة من الفحم، والهند والولايات المتحدة اللتين تنتجان 20% من الطاقة من الفحم، وروسيا التي تسلط الضوء على تأثيرات التغير المناخي للحصول على تعويضات عن الضرر البيئي الذي تساهم فيه الدول المصنعة، تسعى للحصول على جزء من كعكة 100 مليار دولار المخصصة لقضية التغير المناخي، "وهذا لم يحدث حتى الآن، وشهدنا جميعاً مؤخراً إعلان دونالد ترامب نيته الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ قائلاً ’إنهم يخدعون العالم بالحديث عن التغير المناخي‘".
ويقول إن الاعتراف بحدوث تغير مناخي يتطلب قياس لدرجات حرارة الكوكب على مدار 100 عام، "فإذا لاحظنا أن هناك مناطق توقفت عندها الأمطار مدة تتراوح بين 30 و50 عاماً، أو مدة 20 عاماً متصلة، يمكننا الجزم بأن للتغير المناخي تأثير سلبي على هذه المناطق، وهذا لم يحدث حتى الآن، وكل الحوادث التي شهدناها في المكسيك وغابات الأمازون حوادث عرضية نتيجة الموجات الشمسية والهالات الحرارية التي ترسلها الشمس إلى الأرض، وهذا طبيعي لأن دورة النشاط الشمسي تحدث كل 11 سنة، وتتسبب في ارتفاع درجات الحرارة بمناطق عدة من الكرة الأرضية".