شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (2)

شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (2)
شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (2)
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار فى كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟) والذى نقله إلى العربية (محمد نصر الدين الجبالى) بقولة: إن الصِّدام بين روسيا والغرب أمر محتوم. بدت روسيا دولة مطرودة من البيت الأوروبى بعد هزيمتها فى الحرب الباردة، فلم يرق للغرب رفض روسيا للقيم والنموذج الليبرالى فى إدارة الدولة والذى يقترحه الغرب عليها. كما لم تطلب روسيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى كما فعلت تركيا مثلا. ولكن روسيا لم تستطع قبول أن تصبح شريكا أصغر للغرب. تلك الشريحة من النخبة الروسية التى كانت تؤيد الاندماج فى أوروبا لم تقدر على وجه صحيح طريقة تفكير الشريحة الكبرى من الشعب الروسى. تنادى روسيا بعالم متعدد الأقطاب وتناهض عالم القطب الأوحد الذى يدعمه الغرب. تسعى روسيا لأن تصبح " أوروبا أخرى".

لم ينجح كل من الاتحاد الأوروبى وروسيا فى حل المشكلات فيما بينهما. ومرت سنوات طويلة انشغلا خلالها بالتفاصيل دون القضايا المهمة. غير أنه بعد انتهاء الحرب الباردة مرت فترة تعادل الحقبة بين الحربين العالميتين ثم اندلعت حرب باردة جديدة بين الطرفين. 

يجب القول بأن الحرب الباردة فى بداية القرن الحادى والعشرين هى أمر واقع للأسف، ولا توجد حتى اليوم إجابة قاطعة عن السؤال الرئيس، ما المشكلات التى ظهرت فجأة بين الغرب روسيا؟ لقد سيطر التوتر على أوروبا والعالم وهو توتر ارتبط بتحولات فسيولوجية تحدث فى وعى الناس بالضرورة. دخلت روسيا وأوروبا مرحلة جديدة من حرب المعلومات التى يمكن أن تمتد لسنوات طويلة، ولن يكون هناك من منتصر فى هذه المعركة وقد استخدمت فى هذه الحرب إستراتيجيات فريدة من نوعها.

وكان الهدف الأساسى هو طرح الرؤية الخاصة عن الأحداث فى العالم والسياسة والقضاء على أى أطروحات أو وجهات نظر بديلة وإظهار أى حجج للطرف الآخر بوصفها دعاية زائفة. وكان سلاح روسيا الرئيسى فى المقابل هو وسائل الإعلام الموجهة من قبل الدولة فيما كان سلاح الغرب هو أشكال جديدة لمحاكم التفتيش التى تضرب منافسها وعدوها معنويا وبلا هوادة. تم شيطنة فلاديمير بوتين فى الصحافة الغربية وكان ذلك من أهم الوسائل والإستراتيجيات المستخدمة، فى حين قامت الدعاية الروسية على اتهام أمريكا بأنها تتحمل ذنب كل ما يحدث فى العالم.

ويمكن القول بأن الحمض النووى الروسي يحتوى على عناصر رغبة شديدة فى مواجهة عالم القطب الأوحد وأن روسيا ستناضل دوماَ من أجل تحقيق توازن عادل للقوى فى العالم حتى إذا تسبب ذلك فى خسائر فادحة. ومع تحقيق عوائد ضخمة من ارتفاع أسعار النفط وتكوين احتياطى ضخم استطاعت روسيا التقدم واستعادة مكانتها كقوة عظمى عسكرية فى العالم. واستفادت روسيا من حالة الفوضى فى السياسة الغربية نفسها ومحدودية قدرات السياسيين الأوروبيين المعاصرين وقام بوتين باستعراض قوته فى أوكرانيا وسوريا وإظهار أن موسكو ستظل تدافع عن مصالحها وبالقوة إذا لزم الأمر.     

ومازل بوتين يحقق انتصارات خاصة، فرغم الضعف الذى أصاب الاقتصاد الروسى – وهو حال اقتصاد الغرب أيضًا- يعترف الغرب اليوم بأن روسيا عادت دولة عظمى جديدة ولايمكن بناء نظام عالمى جديد دون روسيا. وسيكون من الصعب على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى الاستمرار فى القول بأن روسيا التى خسرت الحرب الباردة دولة هامشية ونظامها هش وأنه ليست هناك حاجة إلى الانصات إليها. وستتواصل لعبة الأعصاب حتى استسلام أحد الطرفين. 

وتجدر الإشارة إلى مستقبل القارة الأوروبية. ففى منتصف القرن الحالى، سيصبح العالم أكثر انقساما وفوضى وسيكون هناك ثلاث قوى عظمى مهيمنة. وسيصيب الضعف الاتحاد الأوروبى ولذا سيسعى إلى إنقاذ نفسه من تهديدات ومخاطر العولمة والتهديدات القادمة من آسيا متنامية القوة وكذا مخاطر الضعف الذى سيصيب المؤسسات الأوروبية. وحينها سيلقى الاتحاد الأوروبى بنفسه فى أحضان الولايات المتحدة الأمريكية أملا فى حمايتها له ولعقيدته المتمثلة فى منظومة القيم الليبرالية. لقد سيطر الأسلوب الأمريكى فى الحياة على أوروبا فى القرن العشرين حتى أصبح نوعا من الأدمان. ومن المتوقع تأسيس منطقة اقتصادية حرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وستصبح أوروبا الغربية والنخب الأوروبية تابعة بشكل كامل للقيادة الأمريكية. وعوضا عن الصدام بين الشرق والغرب سيظهر صراع جديد بين الشمال والجنوب وسيتعرض النظام العالمى لهزات عنيفة. وسيغرق العالم فى حروب هجينة وسيتقرر مصير العالم فى الشرق الأوسط.      

وللحديث بقية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الاتفاق على الإسراع بجهود الربط الكهربائي بين مصر والسعودية
التالى أمريكا تحذر إسرائيل من عواقب شن عملية عسكرية واسعة ضد لبنان